زيارة حصرية لمصانع لامبورجينى – سانتا آجاتا – بولونيا
Lamborghini.. “الحظيرة الأصلية للثيران الرياضية”
كتب أشرف كاره
بدعوة حصرية من شركة لامبورجينى الإيطالية الشهيرة بسياراتها السوبر رياضية ، قدمت لنا لامبورجينى برنامجها الخاص لزيارة مصانعها الكائنة بضاحية “سانتا آجاتا” التى تبعد عن مدينة بولونيا الإيطالية الشهيرة بما يقرب من 40 كم، والتى شملت زيارة كل من مصانع الشركة ومركز إعداد سياراتها الرياضية المشاركة بسباقات السيارات المحترفة (Squadra Corse)، علاوة على زيارة متحفها الأسطورى … إنها حقاً الحظيرة الأصلية للثيران الرياضية.
لامبورجينى .. الأسطورة:
لاشك أن تجربة زيارة – خاصة جداً – لشركة سيارات سوبر رياضية كلامبورجينى قد لا تتكرر لأكثر من مرة واحدة بالعمر ، وهو الأمر الذى يزيد من حماسة أى زائر لهذه (الحظيرة الأصلية للثيران الرياضية) وليس فقط بصفتنا صحافة متخصصة بالسيارات ، بل وأيضاً لآى شخص تتوافر له فرصة كهذه لزيارة مثل هذه الشركة. فلامبورجينى لا تمثل الإنفرادية فى تقديم سيارات سوبر رياضية بنكهة وتصميم إيطالى إستثنائى فحسب ، بل تعزز من الشحنة النفسية الإيجابية التى يحصل عليها كل من يقترب من هذه الثيران (السيارات) السوبر رياضية وليس فقط لمن يمتلكونها….
فقصة ميلاد سيارات لامبورجينى منذ عام 1963 على يد المهندس العبقرى / فيروتشيو لامبورجينى هى إحدى أكثر القصص تشويقاً فى صناعة السيارات الفريدة ، وخاصة مع شغفه الذى عرف عنه بالسيارات الرياضية ، إلا أنه كان يستنكر على سيارة فيرارى التى إمتلكها سوء تعشيق صندوق سرعاتها وهو ما نقله إلى “إنزو فيرارى” وقتها ، والذى رد عليه وقتها بأن طالبه بالإكتفاء بالإهتمام بصناعة جراراته الزراعية التى أشتهر لامبورجينى بتصنيعها من قبل ، الأمر الذى خلق لديه حماسة الشروع فى تصنيع سيارته الرياضية التى حملت إسمه بدءاً من عام 1964 والتى جاءت مع سيارته الشهيرة 350 جى تى ليؤكد قدرته التامة على مقارعة أفضل السيارات الرياضية وعلى رأسها فيرارى ، وليستمر فى تقديم طرازات لامبورجينى المختلفة حتى تقديمه لأسطورته التى قلبت موازين صناعة السيارات السوبر رياضية (ميورا) والتى أصبحت رمزاً بعدها ليس فقط لهذه الفئة من السيارات السوبر رياضية الإيطالية ، بل وهذه الفئة على مستوى العالم.
مصنع الأســــــاطير:
قبل الشروع فى البدء بزيارة المصنع الذى تبلغ مساحته كاملة ما يصل إلى 160 ألف متر مربع والذى يعمل به ما يزيد عن 2200 عامل ومهندس وموظف وتبلغ نسبة السيدات فيهم ما يصل إلى 20% ، طلب منا تسليم هواتفنا النقالة لصرامة عدم السماح بالتصوير داخل أقسام المصنع – وهو الأمر الذى يمتد حتى للعاملين داخل المصنع ، الذين يحظر عليهم التصوير بوضع ملصقات خاصة على كاميرات هواتفهم – وبمجرد دخولنا بشكل خاص بصحبة السيدة/ ليليا دوفبنشوك – مسئولة الإتصالات الإعلامية إلى مصنع الشركة الأقدم المخصص للسيارات السوبر رياضية (هوراكان و أفانتدور – حالياً) تطالعك جزء من أرضية المصنع القديمة الأصلية التى تم الحفاظ عليها بحالتها الأصلية منذ عام 1963 ، ولتبدأ الرحلة مع أقسام المصنع المختلفة والتى بدأنها بخطوط تجميع مكونات قاعدة العجلات ، ثم قسم تجميع المحركات يدوياً وهو ما يزيد من دقة وموثوقية عملها حيث تمر المحركات بخمسة مراحل لتجميع كل منها والتى يصل إجماليها لما يقرب من 8 ساعات لتجميع المحرك الواحد ثم يتم وضع كل واحد منها لمدة ساعة ونصف الساعة قيد الإختبار، وليأتى لاحقاً الإطلاع على قسم تصنيع شاسيه السيارة الأساسى (مقصورة ركابها) المصنوع بالكامل من ألياف الكاربون شديد الصلابة وخفيفة الوزن – حيث يبلغ وزن شاسيه الإفانتدور ما لا يزيد عن 170 كجم فقط ، كما يستغرق إعداد شاسيه كل سيارة مجموعة من المراحل تصل إلى 10 يام – تبع ذلك دخولنا إلى أحد أهم أقسام المصنع وهو قسم تجهيز مقصورة الركاب الداخلية بالكساء الخاص جداً وبخاصة جلود “الكانترا” الطبيعية التى تخضع لرقابة صارمة فى تركيبها بكافة أجزاء المقصورة بشكل عام، وعلى مقاعد السيارة بشكل خاص والتى يتم طلبها فى كثير من الأحيان بتصميمات خاصة تعكس أذواق زبائن الشركة سواء للألوان أو التصميمات الخاصة بهم…
هذا وتستغرق كل مرحلة من مراحل تصنيع هوراكان الـ 23 والتى يتم كل منها بمدة 4 : 5 دقائق ، فيما تستغرق السيارة الواحدة ما يصل إلى يومين لتصنيعها بالكامل مع مراعاة عمل مصنع السيارات السوبر رياضية لوردية عمل واحدة (8 ساعات) وتشمل عدد ساعة واحدة إستراحة لتناول الغذاء ومرتين أخرتين كل منهما 20 دقيقة لتناول القهوة والمشروبات – وهو ما يجعل العاملين بمصنع لامبورجينى من أسعد العاملين على مستوى صناعة السيارات عالمياً ، سواء لنوعية السيارات التى ينتجونها أو لراحة العمل التى يحصلون عليها – وهو ما يؤمن فى النهاية إنتاج 10 سيارات هوراكان يومياً ، أما خط إنتاج الأفانتدور فيشمل 12 محطة تستغرق كل منها 100 دقيقة ويتمكن من إخراج عدد 4,5 سيارة يومياً. هذا ويتم دهان سيارات لامبورجينى السوبر رياضية (هوراكان & أفانتدور) بمصنع “Autocarrozzeria Imperiale” المتواجد بضاحية (ميراندولا) بمدينة “مودينا” القريبة من سانتا آجاتا. والذى عادة ما تأتى بطلب خاص من العميل حيث تصل عدد طبقات دهان كل سيارة إلى 6 طبقات، أما التجربة العملية لكل سيارة قبل وصولها إلى قسم الفحص النهائى السابق للتغليف ثم التسليم ، فتوضع كل سيارة على جهاز (الداينو) لمدة تصل إلى 10 دقائق والذى يتم من خلاله تجربة سرعة السيارة القصوى والتأكد من عمل محركها بالشكل القياسى المخطط سواء لعدد الأحصنة أو لعزم الدوران.. لتنتقل كل سيارة بعد ذلك إلى مرحلة القيادة التجريبية حول الطرقات المحيطة بالمصنع ولمسافة تتراوح بين 50 إلى 60 كم قبل العودة لقسم الفحص النهائى لما قبل التسليم (PDI).
مصنع أوروس .. وبيئة عمل إستثنائية:
أما الزيارة التالية التى تبعت زيارتنا لمصنع الشركة (القديم) المخصص للسيارات السوبر رياضية ، فقد كانت مع توجهنا من بعده إلى مصنع الشركة الجديد الخاص بإنتاج سيارات (أوروس – URUS) من الفئة SUV والذى تميز بهدوءه الشديد بالرغم من عمل العديد من أجهزة الروبوت بكثير من مراحله بخلاف الآليات سابقة البرمجة التى تقوم بنقل الأجزاء بشكل اليكترونى بالكامل ودون تدخل أى عامل بشرى. ويعمل هذا المصنع على مدار ورديتين – بخلاف المصنع القديم الذى يعمل وردية واحدة – ويتمكن من إنتاج 26 وحدة يومياً – حيث أن أوروس هى الأكثر طلباً على المستوى العالمى والأقل سعراً بين سيارات لامبورجينى والتى تبدأ من 160 ألف يورو – ويخضع العاملين بهذا المصنع لفترة تدريب تصل إلى ستة أشهر قبل الإلتحاق الرسمى بالعمل ، فيما يتنقل كل منهم للعمل بكافة الأقسام كل أربعة أشهر.
هذا وقد شهدت شركة لامبورجينى إنتاج عدد 3,800 سيارة عام 2017 ، لترتفع إلى 5,200 سيارة عام 2018 – وخاصة بعد بدء العمل بإنتاج سيارة أوروس SUV مع النصف الثانى من العام … فى حين أنه من المخطط أن يصل حجم إنتاج الشركة مع نهاية العام الجارى 2019 إلى 7,200 سيارة.
قسم السعادة القصوى:
بعد الإنتهاء من زيارة مصنع أوروس الجديد ، توجهنا إلى أحد أهم الأقسام بالمصنع والذى قلما يسمح لأحد بزيارته ، وهو قسم إعداد السيارات ومراجعتها بشكل نهائى PDI قبل (التغليف) والتسليم ، حيث يجتمع بهذا القسم كافة السيارات المنتجة بمصانع الشركة بعد تجربتها الخارجية لمسافة الـ 50 أو 60 كم ، وهو ما يجبر أى إنسان يدخل إلى هذا القسم على الشعور بالسعادة والإبتسام التام مع رؤيته لكافة هذه السيارات السوبر رياضية المتراصة التى تقترب من موعد تسليمها لزبائنها بأقرب فرصة … فيمكنك الإطلاع بشكل أكثر تفصيلا على أحلام هؤلاء الزبائن فيما تم إختياره من مواصفات وتجهيزات لسياراتهم بشكل نهائى ، سواء للألوان الخارجية أو التصميمات الداخلية الخاصة أو حتى أية مواصفات خاصة مطلوبة (ويعتبر هذا القسم هو الأكثر خصوصية بكافة أقسام المصانع والشركة)… والذى لم يقم بزيارته حتى العديد من الزبائن أنفسهم…
أرقام لا يمكن إغفالها:
لا شك أن كل من يحظى بإقتناء إحدى سيارات لامبورجينى بوقتنا الحالى سيهمه (حفظ) بعض الأرقام عن ظهر قلب، حيث أنها المؤشر الأهم فى التعامل مع مثل هذه السيارات السوبر رياضية ، وقد قمنا بإختيار بعض هذه الأرقام كما يلى:
التحول إلى السوبر – (سوبر رياضية):
جاءت المرحلة التالية من زيارتنا لأقسام مصانع الشركة ، بالتوجه لقسم التجهيز الرياضى للسيارات التى تشارك بسباقات السيارات السوبر رياضية (Squadra Corse) والذى يتم فيه إعداد السيارات (الـ هوراكان سوبرتروفيو) بشكل خاص سواء بتجهيزها بمواصفات الإتحاد الدولى لرياضة السيارات FIA من أقفاص الحماية الداعمة ضد الحوادث ، أو بالتجهيزات والعجلات الرياضية الخاصة بالسباقات أو حتى بخزانات وأنظمة الوقود الخاصة بالسباقات ، علاوة على الإستغناء عن العديد من التجهيزات المتواجدة بالسيارات العادية من هوراكان وبخاصة الرفاهية منها للمزيد من تخفيف الوزن.
ومن خلال لقائنا بالسيد/ فرانشيسكو كولا – مسؤول الإتصالات الإعلامية بالقسم الرياضى ، أشار إلى عمل 50 من المهندسين والعمال بهذا القسم والذين يشاركون بالإعداد لسيارات العديد من الفرق ببطولات الـ جى تى التى تشارك بها سيارات (هوراكان سوبرتروفيو) ، والموزعة على عدة قارات حول العالم وبخاصة أوربا … ليأتى أهم سباقات الشركة السنوية – والذى يمثل قمة التحدى لسيارات الشركة – مع سباق لومان 24 ساعة التى تتنافس فيه العديد من الشركات ضمن نفس الفئة ، فيما يأتى المنافس الأول لهم بهذه البطولات هى سيارات فيرارى …
وعند توجهنا بسؤال رئيسى عن أهم الفروقات بين سيارات لامبورجينى وفيرارى بالبطولات الرياضية … أجاب قائلاً (التنفس الطبيعى لمحركاتنا- Natural Aspirated Engines) ، حيث تعتمد سيارات فيرارى على محركات مشحونة بشواحن هواء تيربو … فيما تأتى محركاتنا من لامبورجينى مع تنفس طبيعى ودون إضافة أجهزة تيربو عليها ، وهو ما يجعلها الأفضل لدى الكثيرين من المشاركين بهذه المنافسات الرياضية.
متحف الروائع:
مع وصولنا إلى متحف الشركة وبداية الدخول له ، يطالعك على الجانب حائط التاريخ .. الذى يسجل أهم محطات شركة لامبورجينى منذ إنشاءها عام 1963 وحتى يومنا الحالى ، وبالرغم من الصغر النسبى لحجم المتحف بشكل عام والذى ينقسم إلى طابقين أولهما يمثل حقبة بداية الشركة حتى بدايات الألفينات ، أما الثانى فيمثل حقبة بدايات الألفينات حتى وقتنا الحالى .. وفكرة الحكم على حجم المتحف بصغره النسبى هو بسبب تمنينا أن نرى كافة طرازات الشركة منذ نشأتها حتى الآن ، إلا أن رؤيتهم كانت فى إعطاء الزائر جرعة تاريخية ونفسية إيجابية مركزة ببعض الطرازات الشهيرة للشركة تجعل من الصعب نسيانها…
ومع عدم الدخول فى المواصفات الفنية لكل سيارة معروضة بالمتحف وتاريخها الحافل – وهو ما يلزم منا مجلد كامل – إلا أننا سنكتفى هنا بإستعراض بعض الملامح الجاذبة لزائر هذه المتحف الأسطورى ، فالبداية تكون بإستقبالك أولى سيارات لامبورجينى (350GT) والتى أطلقت رسمياً عام 1964 بعد إنشاء مصنع الشركة والتى كانت العنوان الذى أراد معه مؤسس الشركة “فيروتشيو لامبورجينى” من أن يوصل رؤيته عن صناعة السيارات الرياضية للعالم أجمع. وما أن تستدير ترى كل من طراز (ميورا) الذى قدم عام 1966 ونقل تاريخ لامبورجينى إلى حقبة مختلفة عما كانت عليه وخاصة مع إرساء مبدأ السيارات السوبر رياضية وسطية المحرك بالخلف ، وعلى الجانب الآخر وقف وحش لامبورجينى الذى جسد أحد أعظم سيارات الدفع الرباعى للطرق الوعرة (LM 002) والذى قدم عام 1977 وكان يستهدف فى البداية أن يتم إستخدامه عسكرياً ليتحول بعد ذلك لإنتاج تجارى تم إنتاجه بكميات محدودة لأصحاب الحظ المميز. أما رياضية لامبورجينى التى كانت شاهداً على عصر جديد للشركة (ديابلو) – التى جاءت لتكون إمتدادا لأيقونة الشركة كونتاش – والتى كانت أولى سيارات الشركة بعهد ملكية “كرايسلر” لها والتى قدمت تجارياً عام 1990 حيث شهد هذا الطراز أحد أزهى عصور مبيعات الشركة ليس فقط على مستوى الإستخدام العادى ، بل وأيضاً على المستوى الرياضى مع مشاركتها والفوز بالعديد من السباقات العالمية. ولنختتم الطابق الأول مع إحدى أندر سيارات لامبورجينى (سيستو إليمينتو) والتى صنع منها عدد 20 وحدة فقط على مستوى العالم وكانت تباع وقت تقديمها عام 2010 بمبلغ 1.6 مليون يورو.
مع الوصول للطابق الثانى من المتحف، يتم الإنتقال بالزائر إلى العصر الحديث الذى يجسد ملكية شركة “أودى” لشركة لامبورجينى (تحت مظلة مجموعة فولكسفاجن).. فبخلاف مجموعة سيارات الشركة التى يتم تصنيعها هذه الأيام وفئاتها التجريبية (مع كل من هوراكان ، أفانتدور و أوروس) ، فقد وقفت على الجانب الآخر متصدرة بطلة سباقات الـ جى تى (هوراكان سوبرتروفيو) ، وذلك إلى جانب محدودة الإنتاج بـ 40 وحدة فقط منها 20 كوبيه و20 أخرى رودستر (سنتيناريو – Centenario) أو المؤوية والتى قدمت إحتفالاً بمئوية مولد مؤسس الشركة عام 1916 – 2016 ، وذلك إلى جانب سيارة لامبورجينى فريدة التصميم (فينينو – Veneno) التى قدمت عام 2013 بشكل محدود للغياة ليتم تصنيع 14 وحدة منها فقط وبمبلغ 4.5 مليون دولار لكل منها ، حيث تم إنتاج 5 وحدات كطراز كوبيه وعدد 9 وحدات كطراز رودستر مكشوف … أما إحدى أهم السيارات الإختبارية التى تم عرضها بالمتحف فكانت مع (Gallardo S concept) والتى جاءت بتصميم فريد مع مقعدى سائق ومرافقه منفصلين تماما وبشكل مكشوف.
الختام مع
التذكارات:
لم تنس لامبورجينى من أن توفر لزوارها (وبخاصة لرواد متحفها) فرصة الحصول على إحدى تذكارات الشركة الفريدة ، وذلك من توفير منفذ لبيع منتجات لامبورجينى الفريدة (Lamborghini Boutique) … بدءاً من أقلام الرصاص ، العطور ، الملابس والإكسسوارات ، نماذج السيارات الصغيرة ووصولاً للأعلام والبسوترات والأحذية … الأمر الذى يعطى الفرصة لمحبى العلامة الرياضية الإيطالية الفريدة من الحصول على إحدى تذكاراتهم المفضلة عن الشركة.